بين حلفاء الأمس وأعداء اليوم .. صنعاء مدينة منكوبة
قال الشيخ سنان أبو لحوم في مذكراته أنه بعد مقتل الغشمي أقيم العزاء في دار الرئاسة فقال له علي عبد الله صالح: «تبايعني يا سنان وتعاهدني بعهد الوفاء وأضاف جربني يا عم سنان” فاحتار الشيخ سنان في الإجابة وعرض على المشائخ الحاضرين ما يطرحه علي عبد الله صالح فقال الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر (أنا معه مادام هو من قبيلة حاشد وليس من قبيلة بكيل” التأييد كان مباشراً من الشيخ عبد الله بن حسين من خلال أجابته على عرض الشيخ سنان ويبدو أن الانتماء للقبيلة قد لعب دوراً في تعميق العلاقة بين صالح والأحمر ويذهب كثيرون إلى أن الشيخ الأحمر كان يعتبر صالح موظفاً أو رعوياً من رعيته ولكن برتبة رئيس وحاز الشيخ عبد الله بن حسين على لقب شيخ الرئيس ولهذا كان الرئيس صالح يرجع قبل اتخاذ القرارات الكبرى إلى الشيخ للأخذ برأيه. وعلى ضوء هذه العلاقة التي استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً بين صالح وقبيلته هل يمكن أن نعتبر الحرب الدائرة في العاصمة بين الرئيس وأولاد الأحمر تمرداً على القبيلة؟ وهل قصف الرئيس لمقر شيخه انقلاباً على القبيلة؟ وبتساؤل آخر هل أنقلب صالح على قبيلته حاشد أم أن القبيلة تسعى إلى تربية ابنها؟ وهل الهاون والبازوكة دقت المسمار الأخير في نعش تحالف صالح والقبيلة أم للقصة بقية: لقد استند الرئيس صالح على الشيخ الأحمر في أحرج المواقف الصعبة التي مر بها كرسي الرئاسة فوجد من الشيخ الدعم والمساندة الكبيرة من خلال تجييش القبائل ضد أعداء صالح قبل الوحدة وبعدها وظل الشيخ هو الحامي لمنصب الرئيس الذي استمر حكراً على علي عبد الله صالح منذ يوليو 1978 ولعل محاولة الإطاحة بالرئيس صالح في منتصف أكتوبر من نفس العام الذي تسلم فيه الحكم خير شاهد على ذلك حيث قال الشيخ في مذكراته: “لقد وجدت نفسي ملزماً بدعم الرئيس أثناء المحاولة الانقلابية التي قام بها عدد من القيادات الناصرية”.. كما وقف الشيخ مع الرئيس في مواجهة الجيش الجنوبي الزاحف على الشمال منذ عام 79م وحتى وقف الحرب عام 1982م ولعب الوقت دوراً في تعميق ملامح التحالف الاستراتيجي بين الرئيس وشيخه وتم ترجمة هذه العلاقة إلى شراكة سياسية منذ إعلان حزب الاصلاح كحزب سياسي في سبتمبر 1990 برئاسة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وتوطدت هذه الشراكة أكثر خلال عامي 93-94 وهي الشراكة التي أطاحت بالحزب الاشتراكي من الحكم وأدت إلى اجتياح الجنوب في صيف 94 واستمرت العلاقة السياسية حتى خروج الإصلاح إلى المعارضة عام 97لكن علاقة الشيخ بالرئيس ظلت محافظة على حميميتها ومكانتها حتى وفاة الشيخ عام 2007م وذهب الشيخ إلى أبعد من ذلك حين أعلن دعمه وترشيحه لعلي عبد الله صالح في انتخابات الرئاسية عام 2006م مخالفاً موقف الحزب الذي يرأسه والذي كان حينها قرر اختيار بن شملان مرشحاً له وبدعم قوي من حميد الأحمر نجل شيخ الرئيس. وعن تكوين حزب الاصلاح يقول الشيخ إنه تم تشكيله بناء على طلب من الرئيس الذي قال له ولمجموعة من ذوي الاتجاه الاسلامي كونوا حزباً رديفاً للمؤتمر ويقول الشيخ الأحمر إن الرئيس قال لهم حينها”نحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة ولن نختلف وسندعمكم مثل المؤتمر” وأوضح الشيخ إلى أن الغرض من إنشاء الحزب آنذاك كان يهدف إلى تبني قضايا معارضة لما أتفق عليه الرئيس مع الجنوبيين وهو غير راضٍ عنها وقد ظل الشيخ الأحمر وفياً للعلاقة بينه وبين الرئيس ومن بعده نجله صادق حتى في ظل مجاهرة حميد الأحمر ومطالبته الصريحة للرئيس في التنحي منذ عام 2009م، ولم ينفك العقد إلا في بداية هذا العام حين أعلن الشيخ صادق وقوفه إلى جانب الثورة الشبابية تلى ذلك برسالة بعثها الشيخ صادق إلى الرئيس نهاية شهر مارس أثارت حنقه وغضبه حيث طالبه فيها بالصدق مع النفس مذكراً له أنه كان أصدق الناس إليه في كل المواقف نتيجة العلاقة التي كانت تربطه بوالده من قبل ومعيداً إلى أذهانه وقوفهم معه منذ عام 1978 وانقلاب الناصريين وحرب 79 وحرب 94 التي واجهوها جميعاً حسب ماذكر في الرسالة وفي الرسالة نبه الشيخ صادق الرئيس بقوله: إن عدم المصداقيه والشك وانعدام الثقة من قبلكم أوصل الأمور إلى ماترونه لاماتسمعونه وفي ختام الرسالة حذره من الاقدام على ما أسماها الحالقة حيث قال له:بلغني ان هناك مخطط للقيام باغتيالات محددة لبعض الشخصيات الحزبية والاجتماعيه وأكد أن هذه الخطوة ستكون الحالقة وأن من يرى في الاغتيالات حلولاً لمشاكل الوطن وأزماته الخانقة فهو رجل جاهل حاقد ومجنون …ثم نصحه بالتنحي والاكتفاء بفترة الحكم الماضية التي أمتدت لاكثر من ثلث قرن وكما تقول المصادر أن الرئيس بدأ من حينها الاعداد ليوم فاصل بينه وبين حلفائه أولاد الشيخ واستعداد لهذه اليوم قام بنقل قذائف مدفعية من مخازن الحرس الجمهوري إلى نقم في بداية شهر مايو كما واصل تخزين الاسلحة في المباني القريبة من حي الحصبة وفي الذكرى الواحدة والعشرين للوحدة هدد صالح بحرب أهلية وكان قبلها قد قال يريدون دك المعبد وأنا أقول عليَّ وعلى أعدائي» فرد الشيخ صادق «اذا كان المقصود نحن فنحن لها». وفي ظهيرة يوم الاثنين مايو 23/مايو الماضي قامت كتائب أمنية تابعة لشرطة النجدة في التمركز بمدرسة الرماح بمنطقة الحصبة القريبة من منزل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر فهرع حراسة الشيخ إلى المدرسة وحالوا دون تمركز تلك القوة وحدثت مشادة مع بعض الضباط وقام ضابط بإطلاق الرصاص في الهواء كما قام مسلحون بزي مدني بإطلاق رصاص عشوائية، وأصيب أحد الحراس وبعد ربع ساعة عوت الحرب وجلجل زئيرها في المنطقة وطاشت الرصاص في المباني والمحلات وهرول الناس نحو منازلهم وترك بعضهم حي الحصبة بالكامل وقبيل العصر كانت الحصبة تعج بالتعزيزات من الأمن المركزي والحرس الجمهوري وكذلك التعزيزات القبلية وتحولت المنافذ الخمسة لحي الحصبة إلى ساحة حرب شعواء تدك فيه النيران كل أثر يتحرك على الأرض ولم تغرب شمس ذلك اليوم الآ وقد وضعت أصوات المدافع حداً فاصلاً للعلاقة التاريخية بين صالح وبيت الشيخ الأحمر وتحول حي الحصبة إلى أدغال موحشة بالخوف ومسكونة بالفزع وفي يوم الثلاثاء تحركت لجنة وساطة رئاسية برئاسة غالب القمش وعند وصول هذه اللجنة إلى ديوان الشيخ الأحمر اتصل الرئيس بالقمش وطلب منه أن يقول لصادق الأحمر واخوانه يحضروا إلى القصر الجمهوري ثم تكلم مع الشيخ صادق بلهجة غاضبة وطلب منه أن يأتي إلى القصر فرفض صادق ذلك الامر فرد عليه الرئيس أنه سوف يسحقهم هو واخوانه ولم تمر سوى لحظات حتى سقط صاروخ على المبنى والمكان الذي تتواجد فيه لجنة الوساطة.وأرتفع بعدها سقف خطاب التحدي بين الطرفين واصبح هاشم عبد الله بن حسين الاحمر الحارس الشخصي للرئيس صالح سابقاً هو القائد الميداني لحملة أولاد الشيخ ضد الرئيس .فسبحان مغير الأحوال .